بغض النظر عن قضايا العدل، فإن حق العودة هو أحد المواضيع الرئيسيّة الذي تبلورت حوله الحركة القومية الفلسطينيّة، بل الموضوع الرئيسيّ. لم يبدأ الصراع عام 1967، بل هو نتاج مباشر لما حدث عام 1948. فإذا أردنا حلًا للمدى الطويل، حلًا من المصالحة، علينا أن نلج أعماق هذه الصراع، وقضية اللاجئين هي عمق هذا الصراع.
بخصوص اللاجئين، فإن اليسار وشخصيات مثل عرفات وأبو مازن كذبوا على الجمهور، أو على الأقل لم يقولوا الحقيقة كلها. قالوا لهم أن “حق العودة” مجرد ضريبة كلامية، وأن الفلسطينيون سوف يتنازلون عنه مقابل الحصول على دولة مستقلة في حدود 1967.
كما يقول شركاؤنا الفلسطينيون، ربما يمكن إرغام الفلسطينيين بالتوقيع على اتفاق لا يشمل حق العودة، لكن هذا الاتفاق لن يكون للمدى الطويل، بل هدنة بين حربين، إلى حين تبدل موازين القوة. عدم تطبيق حق العودة سيشكل سلاحًا دائمًا بيد أعداء المصالحة، حماس وغيرها. فقط حل منصف وجاد لحق العودة سيجلب الحل الدائم. تجاهل ذلك لن يحل المشكلة.
لكن، ورغم ذلك، فإن أحد المبادئ الأساسية لدينا هو عدم تصحيح الغبن بالتسبب بغبن جديد. أي عدم طرد يهود من بيوتهم التي يعيشون فيها من أجل إعادتها لأصحابها الأصليين الفلسطينيين.
بالإمكان تصحيح الغبن بطريقتين: الأولى، التعويض المادي المناسب للاجئين. وفي حالة توافر الإمكانية، يتم بذل جهود خاصة لإعادة بناء بلدات أو قرى في المناطق التي ما زالت خالية.
الثانية، اللاجئون الفلسطينيون، وبعد تجنيسهم في فلسطين، سيتمتعون بحرية التنقل في أنحاء الوطن الذي هُجّروا منه. ويمكنهم الزيارة لفترات طويلة وحتى العمل. نسبة معينة منهن ستحصل على حق السكن في المرحلة الأولى، ووفق رؤيتنا، فإنه لاحقًا سيحصل جميعهم على هذا الحق، ولكن بشكل تدريجي وبموافقة الطرفين.
يجب أن نفهم أنه بالنسبة للفلسطينيين هذا لا يعتبر عودة كاملة ولا تطبيقًا كاملًا لحق العودة. ولكن لا يمكن تحقيق 100% من رغبات الجميع. حرية التنقل والسكن هي حرية كونية، وتسري على اللاجئين أيضًا. بدون حصص وليس منة من أحد، ويمكنهم إعادة نسج علاقاتهم مع الوطن ومع أقاربهم الباقين هنا. وهذا أكثر بكثير مما تقترحه حلول أوسلو أو جنيف.